حصلت مؤخراً جريمة قام فيها شاب بقتل أخته الكبرى المتزوجة التي هي معيلة أولادها، وزوجها مسجون، لأنها قادت سيارة بدل أن تستقل سيارات الأجرة يومياً مع الرجال الغرباء في ذهابها إلى عملها وقضاء حاجات أولادها. والمؤسف أن هناك من خرج مجاهراً بمباركة فعله لردع النساء عن قيادة السيارة، وسبق وحصلت عدة حوادث إتلاف سيارات لنساء من قبل مناوئين لحق النساء في قيادة السيارة، وأيضا حصلت عدة جرائم قتل لفتيات بسبب رفضهن ترك التعليم أو العمل، وكل هذه الجرائم سببها خطاب الكراهية التحريضي ضد النساء وحقوقهن، الذي يثير عصبيات الذكورية السامة /الشوفينية الجنسية/ الميسوجينية، رغم أنه منذ تبني السعودية تمكين النساء ما عاد يتم تداول خطاب كراهية النساء بالمنصات الرسمية، لكنه لا يزال سائداً في ما سواها لدرجة أن النسبة الأكبر من جمهور دعاة الذكورية السامة في الغرب هم الرجال العرب والمسلمون للأسف، مع العلم أن أسباب صعود خطاب الكراهية للنساء وحقوقهن في كل العالم في العقد الأخير هو صعود حركات اليمين المتطرف والمواد الإباحية التي هي في عمومها امتهان سادي للمرأة وكان من نتيجته في أمريكا وكندا عدة عمليات قتل إرهابية ضد النساء قام بها من يسمون أنفسهم «انسلز - Incels»، وهي اختزال لعبارة «البتولية غير الاختيارية»، وهم يحقدون على النساء لرفض النساء لهم لأنهم يتصفون بالذكورية السامة مع كونهم فاشلين اجتماعياً وعملياً وعاطلين، وفي منتدياتهم يشجعون بعضهم على القيام بأعمال عنف ضد النساء، ولذا انتشر مؤخراً في عدة بلدان غربية القيام بضرب النساء بشكل عشوائي في الشوارع من قبل أصحاب خطاب كراهية النساء، وللأسف كثير من الرجال المهاجمين كانوا من أصل عربي، ولذا كل العالم يجب أن تفرض فيه قوانين تجرم خطاب الذكورية السامة والكراهية ضد النساء؛ لأنه يؤدي إلى جرائم قتل فردي وجماعي للنساء، واضطهادهن وحرمانهن حقوقهن الأساسية، فقتل النساء على قيادة السيارة لم يكن ليحدث لولا الخطاب التحريضي الذي شيطن قيادة المرأة السيارة، فهل يمكن تصور أن تقتل العائلة ولدها لأنه قاد سيارة أو لأنه يريد إكمال تعليمه والعمل؟ والنسوية لم تؤدِ لجريمة قتل واحدة لرجل في أي مكان في العالم، بينما الذكورية السامة أدت لقتل النساء في كل العالم، ولذا تجريمها هو تجريم لخطاب التحريض على اضطهاد وقتل النساء، وهذا يجب أن يشمل منع مشاهد ضرب النساء في مواد الترفيه التي تبدو مقدمة بعضها أشبه بإعلان عن المصارعة أو الملاكمة والمرأة هي كيس الملاكمة، مع تضمن هذه الأعمال تمجيداً للذكورية السامة في شخصية البطل، وفي قنواتنا للأسف تتكرر استضافة أشخاص معروفين بخطاب كراهية النساء من باب ربما زيادة أعداد المشاهدين بسبب الجدل الواسع حول تصريحاتهم الصادمة في معاداتها للمرأة، ومن يدفع ثمن شهرتهم هن النساء، وبخاصة من يزعمون أنهم مستشارون أسريون، وغالباً لا يحملون شهادات أكاديمية معترفاً بها، فنصائحهم وتعليقاتهم حول أسباب الظواهر الاجتماعية المختلفة مثل ارتفاع نسبة الطلاق كارثية وتحرض على اضطهاد النساء وحرمانهن حقوقهن الأساسية، ولا شك أن نصائحهم السامة الكارثية من أسباب زيادة الطلاق فهي تخبيب للرجال، فعصبية الذكورية السامة تجاه النساء هي أشبه بنار مشتعلة في جميع ثقافات العالم وأدت لاضطهاد وقتل النساء عبر التاريخ، وخطاب الذكورية السامة المتعصب ضد النساء والمحتقر والكاره لحقوقهن هو الزيت الذي يصب على هذه النار ويديم اضطرامها وبالتالي إحراقها للنساء، وبدلاً عنه يجب تبني خطاب تأييد مساواة وحقوق النساء وأنسنتهن في نظر الرجال تنفيذاً لوصية النبي الواردة بالصحيحين «استوصوا بالنساء خيراً».